آخر الإضافات
الموسوعة اليافعية

وادي رَخَمة(2)

قرى أسفل وادي (رَخَمة):

ذكرت أن وادي (رَخَمة) كثير القرى والروافد، تحيط به الجبال، ولكي نستقصي الوادي دون أن يتشتت ذهن القارىء فسنذكر أولًا قرى الوادي وجباله بترتيب الصعود من أسفله ونشير إلى مخارج الأودية الرافدة له، ثم نعود لاستقصاء الروافد بعد ذلك.

دَوْرَمة:

-بفتحتين بينهما سكون- أرض زراعية سهلية واسعة تقع بأسفل وادي (رَخَمة) بجوار قرية (الزُّغْرور) من الجهة الغربية، يطل عليها من الشمال جبل (الشَّهَث)، ومن الجنوب جبل (قُسْبي)، ومن الغرب جبل (المحافد).

و(دَوْرَمة) أخصب أراضي وادي (رَخَمة) وأغزرها ماء، وأكثرها آبارًا، ولم تكن مأهولة في العهد القبلي إلا ساكن (حبيل الثِّيِّلة). وقد وفد السكان إليها في هذا العصر من الجبال والأودية المجاورة في الغالب، فسكانها اليوم خليط من السادة الهاشميين، ومن قبائل الجَلَّادي والجرادمة والأباقير وأهل علي والأجرور والأصابح وأهل الحربي وأهل صالح بن علي المحرمي ومعنى (دَوْرَمة) باللهجة اليافعية (الأرض ذات الماء المندفع) من قولهم (دَرَم الماء) إذا اندفع بقوة، و(الدرام) في لهجة يافع: برميل الماء وفي (دَوْرَمة) مواضع وسواكن هذا تفصيلها:

أسفل دَوْرَمة: وموقعه بجوار قرية (الزُّغْرور) من الجهة الغربية لها.

المَغْوَن (تنطق: المأون): ساكن يقع أعلى شِعْب (المَغْوَن) المنحدر إلى أسفل (غَيْل شَقَصة)، يسار الصاعد في (دَوْرَمة). وقد بنيت المساكن جهة (دَوْرَمة).

سُخْمان: أرض منبسطة تقع في سفح جبل (قُسْبي). ويروى أن المعركة التي دارت بين أهل حَنَّان وأهل الذَّيْب كانت فيه، وقد استفاض الخبر أن صخرة كانت فيه نُقش عليها أسماء قتلى المعركة وتاريخها، ولا يزال على قيد الحياة كثير ممن شاهدوها، وقد قام أحد الأهالي قبل بضعة عقود من الزمن بتكسيرها واستخدام أحجارها في بناء منزله وأمام هذا الموضع جربة (قطعة أرض) تسمى (تي الحَلْحَل) فيها بئر قديمة، يقال: إن بدء المعركة بين القبيلتين كان عندها.

ساكن أهل الذَّيْب: موقعه في سفح جبل (قُسْبي) يسار الصاعد في وادي (رَخَمة)، ونسبته إلى سكانه القدامى من أهل الذَّيْب الذين لم يبق منهم أحد فيه، وقد سبق الكلام عنهم آنفًا.

شِعْب المَلِيْل: ساكن يقع جنوب جبل (الشَّهَث)، بين (الزُّغْرور) و(حَقَر)، يمين الصاعد في وادي (رَخَمة).

حَقَر: تل صغير متصل بالسفح الجنوبي لجبل (الشَّهَث)، عند مخرج وادي (سَلْحة)، يمين الصاعد في الوادي؛ وقد كانوا يقولون في تحديد جبل (الشَّهَث): إنه (من حَقَر إلى ثمر)، و(حَقَر) هذه، و(ثمر) رَهْوة (ثنيَّة) في الجهة الشمالية للجبل تربط بين جبل (الشَّهَث) وجبل أهل بن قُمَاطة، وتفصل بين وادي (شِرِذة) -من روافد وادي رُصُد- ووادي (مَقْبَل) -من روافد وادي (رَخَمة).

وفي (حَقَر) ساكن حديث. وفيه مقبرة قديمة مندثرة، ومسجد أثري صغير. وفي الجانب الغربي بهذا التل يقع مصب وادي (سَلْحة) -أحد روافد وادي (رَخَمة)- ومن عنده ندخل لاحقًا إلى هذا الوادي.

حبيل الثَّيِّلة: ساكن قديم، في أعلى (دَوْرَمة) عند سفح جبل (قُسْبي)، بجوار ساكن أهل الذَّيْب، يسار الصاعد في الوادي وساكنوه في العهد القبلي: من أهل الذَّيْب، ومن أهل السُّميطي الجَلَّادي، وأهل بن مهدي بن عبدالباقي الجَلَّادي، وهذه البيوت الثلاثة هم أقدم سكان هذا الحبيل. وقد سكن معهم غيرهم في هذا العصر.

الحَازَّة: ساكن يجاور (حَبيل الثَّيِّلة) من الجهة الغربية في سفح جبل (قُسْبي)، يسار الصاعد في الوادي.

 لَكَمة الفارِعة: ساكن يقع بجوار (الحازَّة) من الغرب، فوق تل صغير ملتصق بسفح جبل (قُسْبي)، يسار الصاعد في وادي (رَخَمة).

 لَكَمة الفِرَاص: تل ملتصق بجبل (ظِفَار) في الجانب المقابل لساكن (الحازة)، يمين الصاعد في الوادي، فيه ساكن صغير.

جبل ظِفَار: جبل صغير في أعلى (دَوْرَمة)، يمين الصاعد في الوادي، وهو فاصل بن أسفل وادي (سَلْحة) شرقًا، وأسفل وادي (مَقْبَل) غربًا. والجبل غير مأهول، إلا من ساكن (لَكَمة الفِراص) الواقع جنوب الجبل.

حبيل المِسْياه: ساكن صغير مجاور لـ(لَكَمة الفِرَاص) من الغرب، يمين الصاعد في الوادي. ومعنى (المِسْياه) في اللهجة اليافعية المرآة.

النُّقْطة: ربوة صغيرة في أعلى (دَوْرَمة) تتوسط الوادي، وتحيط بها أرض زراعية. وفيها ساكن صغير. وهي منتهى (دَوْرَمة).

جبل قُسْبي: -وقد ينطق (قصبي) - جبل شامخ واسع الشِّعاب، يمتد بين وادي (شَقَصة) جنوبًا ووادي (رَخَمة) شمالًا وغربًا ووادي (المضمار) شرقًا، يمتد من شِعْب (المغون) في الجهة الشرقية، إلى (رَهْوة الشوقبي) في الجهة الغربية، ويجاوره جبل (مَوْفَجة) من الجنوب، وجبل أهل علي من الشرق، وجبل (الشَّهَث) من الشمال، وجبل (الأصابح) و(غَريب الشَّهْد) من الغرب ومعظم شِعابه غير مأهولة ولا مستصلحة للزراعة حيث تغلب عليها الوعورة. ومنحدراته صخرية كبيرة تسيل من بعضها عيون الماء وتشكل جداول متحدرة في الصخر، كما هو الحال في (رَكَب المَعْزَبي) الواقع شرق الجبل تحت خرابة قرية (دُخَّان) الذي ينحدر إلى شِعْب (المغون) تتفرع من الجبل عدة ألسنة جبلية وعرة أكبرها ثلاثة:

الأول: ذراع دُخَّان، ويقع في شمال الجبل، فوق قرية (دَوْرَمة) مباشرة، والطريق إليه من (دَوْرَمة)، وفيه أطلال قرية (دُخَّان) الآتي ذكرها.

والثاني: (قَوْد ذي صاوِف)، وتقع في شرق الجبل، وجنوب شرق خرابة (دخان)، وانحداره إلى أسفل وادي شَقَصة.

والثالث: رَهْوة الشَّوْقَبي، وتقع جنوب غرب الجبل، وهي الرابط بين جبلي (قُسْبي) و(الأصابح) والفاصل بين واديي (رَخَمة) و(شَقَصة).

خرائب جبل قُسْبي:

الجبل غني بالآثار والخرائب القديمة، وقد صعدناه، وشاهدنا بأعيننا بقايا آثار سكانه الأوائل التي طالتها أيدي العابثين، فلم يبق منها سوى أكوام من الحجارة المبعثرة وبقايا جدران مقوَّضة، وأساسات الدور، وبعض المآجل (صهاريج الماء) المنحوتة في الشِّعاب، وبقايا أسماء المواضع التي لم تمحها الأيام من ذاكرة الأجيال أضحت خلاءً وأضحى أهلُها ارتحلوا   أخنى عليها الذي أخنى على لُبَدِ فمن الآثار الباقية: معالم طريق ممتدة من سفح الجبل الشمالي إلى قمته، كانت تربط بين قرى الجبل وبين وادي (رَخَمة)، يبدو أنها كانت مرصوفة بالحجارة، ويروى أنها كانت تسمى (طريق الجِمال). فإذا صعدنا في الجبل قليلًا وصلنا إلى ربوة متسعة على ظهر الجبلية المسماة (ذِراع دُخَّان) -بضم الدال وفتح الخاء المشددة- وفي الربوة أطلال قرية (دُخَّان) التي لم يبق منها إلا الأساسات والحجارة المتناثرة، وقد لاحظت أن بيوت القرية كانت متلاصقة مرتصة من شمال القرية إلى جنوبها، تتخللها أزقة ضيقة، وتحيط بالقرية ثلاث مقابر إسلامية مكتظة بالقبور التي عفا عليها الزمن، وأكبر هذه المقابر المقبرة التي بجوار المسجد شرق القرية، ويحيط بها سور مبني من الصخور الضخمة أما المسجد فهو -كما أشرت- يقع شرق القرية، ويطل من الشرق على شِعْب (رَكَب المَعْزَبي) و(قَوْد ذي صاوِف)، ومساحته صغيرة لا تتعدى تسعة أمتار مربعة وقد سقط سقفه وبقيت جدرانه الأربعة بعقودها الجميلة وبعض الزخارف الصخرية، وطابعه المعماري يعود –حسب رأيي وملاحظتي- إلى العصور الوسيطة (ما بين السابع والتاسع الهجريين)، بالمقارنة مع مساجد أخرى بنيت في (يافع) في هذه الفترة. وقد بقيت (السُّقَاية) -وهي حوض الوضوء- على حالها في جنوب المسجد وفي الطرف الجنوبي للقرية الأثرية ما زال (ماجِل دُخَّان) بجدرانه المجصصة وأحجاره الضخمة، يحيط به في منتصف جداره مدرَّج داخلي استعمله الأوائل في اغتراف الماء من القاع عندما يقل منسوب الماء وإذا واصلنا صعود الجبل نصل إلى موضع في منتصف الجبل يسمى (المِحْداد) وفوقه مباشرة (المَعْزَبة) وهي أسماء لسواكن مندثرة، وفي (المَعْزَبة) بقايا أساسات المباني وأطلال مسجد وسقاية وأكوام من الحجارة المتناثرة، وفي الجانب الغربي من الجبل قرب (المَعْزَبة) أطلال حصن يسمى (دار خُفَيْع) لم يبق منه إلا كوم من الحجارة بعد أن هدمه بعض الناس واستولوا على أخشابه وفي يمين الطريق قبل القمة فوق دار (خُفَيع) ماجل واسع يسمى ماجل (حَبيل العَوْبَلي) ولعله سمي بذلك لزراعة حبوب العَوبلي قربه -قديمًا- والعوبلي: اسم لنوع من الذرة أما قمة الجبل ففيها أطلال ثلاثة سواكن: ساكن (القُلَّة) ويقع في الاتجاه الشمالي الشرقي من القمة وبالقرب منه أطلال ساكن (حُمَر) جنوب شرق القمة، وفيه أساسات مبانٍ وثلاث برك متفاوتة الحجم، وبجوارها أطلال مسجد (حُمَر)، وشرق (حُمر) ماجل شبيه بماجل (دُخَّان) يسمونه (ماجل الزَّعيم)، وفوقه موضع مطل على أسفل وادي (شَقَصة) يسمى (دار خادم البَحْبَح)، وإلى الغرب من (حمُرَ) بقايا ضريح في موضع متوسط بين (حُمَر) و(القُلَّة)، وفي أعلى قمة الجبل أطلال ساكن (المِضْمار) وإلى الغرب منه قمة (قارَة قُسْبي) وفي (قَوْد ذي صاوِف) خرائب قليلة متناثرة، ومعالم دارسة لمدرجات زراعية عفا عليها الزمن، تكسوها الأعشاب البرية وما زال الغموض يكتنف هذه الخرائب، ولا يوجد ما يدل على تاريخها إلا مرويات هي من قبيل الحكايات.

وهذا منتهى الكلام عن (دَوْرَمة) وجبل (قُسْبي).